الثلاثاء، ديسمبر 29، 2009

جلس أربعة يتسامرون


أحاديث الأربعة الرباعية

مررت بمجلس عجيب حقا جلس أربعة نفر وكان كل منهم لا يتكلم إلا رباعيات وهذا كان حديثهم


فقال الأول : أربعة يسود بها المرء:

الأدب .. والعلم .. والعفة .. والأمانة

وقال الثاني : أربعة ترفع المرء .. وان قل علمه :


الحلم ..والتواضع .. والسخاء .. وحسن الخلق


وقال الثالث : أربعة تزيد ماء الوجه :


الوفاء بالعهد .. الكرم .. الكلام الطيب .. وطاعة الله

وقال الرابع : أربعة لا بقاء لها :


مودة الأشرار .. البيت الذي ليس فيه تقدير ..


المال الحرام .. والكسب الذي ليس معه تدبير


ثم دار الحديث


فقال الأول : أربعة تؤكد المحبة :


حسن البشر.. و بذل البشر .. وقصد الوفاق .. وترك الشقاق


وقال الثاني :أربعة من علامات الكرم :


بذل الندى .. وكف الأذى .. وتعجيل المثوبة .. وتأخير العقوبة

وقال الثالث : أربعة من علامات اللؤم :


إفشاء السر .. واعتقاد الغدر .. وغيبة الإخوان .. وإساءة الجوار

وقال الرابع :أربعة تؤدى إلى أربعة :


الصمت إلى السلامة .. والبر إلى الكرامة .. والجود إلى السياسة ..والشكر إلى الزيادة



ثم دار الحديث دورة أخري



فقال الأول : أربعة تزيد في العقل :


ترك فضول الكلام .. السواك .. مجالسة الصالحين .. مصالحة العلماء


ثم قال الثاني : أربعة تقوى الجسم :


أكل اللحم .. وشم الطيب .. وكثرة الغسل بغير جماع .. ولبس الكتان

وقال الثالث : أربعة تمرض الجسم :


الكلام الكثير .. والنوم الكثير .. والأكل الكثير .. والجماع الكثير


وقال الرابع : أربعة ينبغي للعاقل أن يمنع نفسه منها :


العجلة .. واللجاجة .. والعجب .. والتواني



انتهي إلي هنا حديثهم وكان عجبا حقا

الاثنين، ديسمبر 28، 2009

المنفلوطي والسعادة والتغيير

السعادة والتغيير عند المنفلوطي


بعدما عرفت سر السعادة من الرافعي ذهبت للمنفلوطي أسأله عن شيئين
عن السعادة وعن التغيير

فقال المنفلوطي " أسعد الناس في هذه الحياة من إذا وافته النعمة تنكر لها .. ونظر إليها نظر المستريب بها وترقب في كل ساعة زوالها وفناءها فإن بقيت في يده فذاك ، وإلا فقد أعد لفراقها عدته من قبل ."


وعن التغيير قال :" من شاء أن يهذب أخلاق الناس ، ويقوم معوجها ، فليهذب تصوراتهم وليقوم أفهامهم ، يوافه ما يريد من التهذيب والتقويم "



إنه ... مصطفي صادق الرافعي

إنه ... مصطفي صادق الرافعي


جلست إليهم واستمتعت بحديثه وهذا بعض من حديثه الشيق الممتع


" البدء في تحقيق الشئ العسير ، حسبه أن يثبت معني الإمكان فيه"

" الإيمان وحده هو أكبر علوم الحياة ، يبصرك إن عميت في الحادثة ، ويهديك إن ضللت عن السكينة ، ويجعلك صديق نفسك تكون وإياها علي المصيبة لا عدوها "

" إذا أنت آمنت لم تعد بمقدار نفسك ، ولكن بمقدار القوة التي أنت بها مؤمن " .

" لا تتم فائدة الانتقال من بلد إلي بلد إلا إذا انتقلت النفس من شعور إلي شعور ، فإذا سافر معك الهم فأنت مقيم لم تبرح "

" سر السعادة أن تكون فيك القوي الداخلية التي تجعل الأحسن أحسن مما يكون وتمنع الأسوأ أن يكون أسوأ مما هو "

" الشعب الذي لا يجد أعمالا كبيرة يتمجد بها ، هو الذي تخترع له الألفاظ الكبيرة ليتلهي بها "

" ما نفع الحكمة إذا لم تكن إلا رأياً ليس له ما يمضيه "

الأحد، ديسمبر 27، 2009

لقد كانت مفاجئة

لقد كانت مفاجئة



بعد أيام من مقابلتي لابن المقفع كنت أتجول في الوادي بغير خطة ولا أدري إلي أين سوف تحملني قدماي ، وبعد مرور وقت طويل من التجول في الوادي كان هناك رجل يقبع في مكان هادئ ينعم بالشمس وحوله نفر قليل يستمعون لحديثه وكان حديثه من أجمل ما سمعت في الوادي يكفي أن أذكر لكم تلك الجملة التي قالها وهو يتحدث عن العبء


هذا نص ما قاله : " إن الفكر في تخفيف العبء الذي تحمله يجعله أثقل عليك مما هو ، إذ يُضيف إليه الهم ، والهم أثقل ما حملت نفس،

فما دمت في العمل فلا تتوهمن الراحة ، فإن هذا يُوهن القوة ويخذل النشاط ، ويجلب السأم ، وإنما روح العمل الصبر ، وإنما روح الصبر العزم ."

ولكن من هو هذا الرجل ؟
...


إنه .. م ...
لا أدري ... ماذا يحدث ؟

إنه مص...

يبدو أن الاتصال انقطع

الأحد، ديسمبر 13، 2009

إنه ابن المقفع

إنه ابن المقفع

فقلت لابن المقفع حيث أنك لم تأتي معي لمجالس السمر هلا حدثتني بحديثك كي أنقله


قال لك ذلك متي شأت


قلت الآن


قال الآن إنك لشغوف ولحوح في طلب العلم والحكمة


قلت وهل في ذلك عيب ؟


قال لا ولكن


من استكثر من جمع العلوم وقراءة الكتب ، من غير إعمال الروية فيما يقرؤه ، كان خليقاً ألا يصيبه إلا ما أصاب الرجل الذي زعمت العلماء أنه اجتاز ببعض المفاوز ، فظهر له موضع آثار كنز ، فجعل يحفر ويطلب ، فوقع علي شيئ من عين وورق فقال في نفسه : إن أنا أخذت في نقل هذا المال قليلاً قليلاً طال علي وقطعني الاشتغال بنقله وإحرازه عن اللذة بما أصبت منه ، ولكن سأستأجر أقواماً يحملونه إلي منزلي ، وأكون أنا آخرهم ، ولا يكون بقي ورائي شئ يشغل فكري بنقله ، وأكون قد استظهرت لنفسي في إراحة بدني عن الكد بيسير أجرة أعطيهم إياها ، ثم جاء بالحمالين ، فجعل يحمل كل واحد منهم ما يطيق ، فينطلق به إلي منزله فيفوز به ، حتي لم يبق من الكنز شئ ، فانطلق خلفهم إلي منزله ، فلم يجد فيه شيئاً من المال ، لا قليلا ولا كثيرا ، وإذا كل واحد من الحمالين قد فاز بما حمله لنفسه ، ولم يكن له من ذلك إلا العناء والتعب ، لأنه لم يفكر في آخر أمره .


فقلت له فماذا أفعل؟

 فقال : علي العاقل إذا فهم الكتاب وبلغ نهاية علمه فيه ، أن يعمل بما علم منه لينتفع به ، ويجعله مثالاً لا يحيد عنه


فقلت له فإذا لم يفعل ؟


قال : فإذا لم يفعل كان كمثل الرجل الذي زعموا أن سارقا تسور عليه وهو نائم في منزله ، فعلم به فقال : والله لأسكتن حتي أنظر ماذا يصنع ، ولا أذعره ، ولا أُعلمه أني قد علمت به ، فإذا بلغ مراده قمت إليه ، فنغصت ذلك عليه ،

ثم إنه أمسك عنه ، وجعل السارق يتردد ، وطال تردده في جمعه ما يجده ، فغلب الرجل النعاس فنام ، ، وفرغ اللص مما أراد وأمكنه الذهاب

واستيقظ الرجل ، فوجد اللص قد أخذ المتاع وفاز به ، فأقبل علي نفسه يلومها ، وعرف أنه لم ينتفع بعلمه باللص ، إّ لم يستعمل في أمره ما يجب ، فالعلم لا يتم إلأا بالعمل ، وهو كالشجرة والعمل به كالثمرة .


فقلت له قد وعيت ما قلت جزاك الله خيرا


فقال هل تريد أن أزيدك ؟


قلت نعم فقلما أراك تتجول معنا في الوادي

فقال تعلم أني أحب السحر فلن تراني هنا إلا في مثل هذا الوقت


أما اليوم فلقد كان هناك حدثاً كنت أشهده


ثم قال لي : الدنيا كالماء الملح الذي لايزداد شاربه شربا ، إلا ازداد عطشاً ، وهي كالعظم الذي يصيبه الكلب فيجد فيه ريح اللحم ، فلا يزال يطلب ذلك حتي يدمي فاه .
ثم قال :
لم يبلغ أحد مرتبة إلا بإحدي ثلاث : إما بمشقة تناله في نفسه ، وإما بوضيعة في ماله أو وكس في دينه ، ومن لم يركب الأهوال لم ينل الرغائب .
ومن لم يفكر في العواقب لم يأمن من المصائب وحقيق ألا يسلم من المعاطب .

ثم هم بالانصراف وقال عرفت موعدي فإن أردت المزيد فعند السحر

السبت، ديسمبر 12، 2009

نظرات المنفلوطي

أنهي ماركوس حديثه

ونهضت علي عجل أحاول أن !


أحاول ماذا ؟
أحاول أن ارتاح لاستعيد نشاطي لأجلس مع السباعي وأكمل حديثه
ولكني لمحت في طريقي المنفلوطي


فقررت أن ارتاح قليلا ثم أذهب للمنفلوطي


وعند المنفلوطي أخذت أسأل

فقلت له لماذا تكتب ؟


فقال : إنما أكتب للناس لا لأعجبهم ، بل لأنفعهم ، ولا لأسمع منهم أنت أحسنت ، بل لأجد في نفوسهم أثراً مما كتبت .

فقلت له ألا تخاف من سخط الناس ؟


فقال : كثيرا ما قتل الخوف من سخط الناس والكلف برضاهم ذكاء الأذكياء ، وأطفأ عقول العقلاء ، وكم رأينا من ذكي يظل طوال حياته خاملاً متلففاً لا يجرؤ علي إظهار أثر من آثار فطنته وذكائه مخافة هزء الناس وسخريتهم ، وعاقل لا يمنعه من الإقدام علي إصلاح شأن أمته وتقويمها إلا سخط الساخطين ونقمة الناقمين .

فقلت له ما العجز ؟

فقال العجز يابني أن يزدري المرء نفسه فلا يقيم لها وزنا ، وأن ينظر إلي من فوقه من الناس نظر الحيوان الأعجم إلي الحيوان الناطق .


قلت له لماذا تغيب الحقائق عن الناس ؟

فقال يابني بين الإغراق في المدح والإغراق في الذم تموت الحقيقة موتا لاحياة لها من بعده إلي يوم يبعثون

قلت كيف أعرف أي الرجلين أفضل وقد قام كل منهم بذم صاحبه ؟

قال : إن أردت أن تعرف أي الرجلين أفضل ، فانظر إلي أكثرهما نقمة علي صاحبه ، وكلفاً بالغض منه ، والنيل من كرامته ، فاعلم أنه أصغرهما شأناً وأقلهما فضلاً




شكرت المنفلوطي وذهبت إلي شجر البرتقال أفكر مليا فيما جمعت من كلام الحكماء والأدباء


وبينما أنا مستغرق في التفكير والتأمل أطل علي ...







الأربعاء، ديسمبر 02، 2009

وغلبني الإعياء ول....

لم أتمالك نفسي من شدة الإرهاق وقلت لنفسي إذا كنت سأجلس لأستفيد فلا بد أن أكون منتبها لكل ما سيقال وإلا علي الإنصراف والمجيئ في وقت آخر وقررت الإنصراف


وانصرفت و ذهبت لمكان إقامتي وتمددت علي سريري ووضعت علي جسدي ملاية خفيفة كعادتي في النوم أثناء الصيف والربيع وعندما لامست ضلوعي المرتبة ولامست رأسي المخدة أحسست براحة تنساب في أعضائي

 ولكني تذكرت أنه سيقال كلاما لن أسمعه وسيسمعه غيري من رواد الوادي ولا أدري ما هي مدة إقامة ماركوس بالوادي


وهل سيتحدث غدا أم لا فإني أعرف عنه حبه للتأمل والتفكر والقراءة والإطلاع ومن هذا شأنه تجده قليل الكلام


عندها تكدر صفوي وطار النوم من عيني وأصابني القلق فانتفضت من السرير انتفاضاً وغسلت وجهي ورأسي بالماء البارد وهرولت إلي هناك حتي لايفوتني شيئ


عندها كان ماركوس يقول :

حاول أن تتفهم شخصية أولئك الذين ترغب في رضاهم ، وما المبادئ التي تحكمهم ؟ وما مصادر آرائهم ودوافعهم ؟ وعندها لن تلومهم إذا هاجموك ، ولن تكون بحاجة إلي استحسانهم .


عندما تتألم ، فسارع إلي تذكير نفسك أنه لا يوجد ما يشين في ذلك ، وأنه ليس تحيزاً ضد عقلك ، الذي لا يتعرض لما يؤذي منطقه أو جانبه الاجتماعي . وفي أغلب الأحوال ، ستجد ما يفيدك في قول أبيقور من أن " الألم لا يكون أبداً غير محتمل أو بلا نهاية ، طالما تذكرت حدوده ، ولم تغرق في مبالغات تخيلية " تذكر أيضاً رغم عدم إدراكنا لذلك


أن هناك كثيراً من الأمور الأخري التي نجدها غير مريحة تشارك الألم في طبيعته ، مشاعر الخمول أو الحمي أو فقدان الشهية مثلاً ، عندما تميل إلي التذمر من أي من هذه الأمور ، قل لنفسك إنك تستسلم للألم .


كم هو مضحك ألا يفر المرء من شرور نفسه وهو أمر ممكن ، في حين يسعي للفرار من شرور الآخرين وهو أمر مستحيل .

إذا أنت قمت بعمل نبيل ، واستفاد منه شخص غيرك ، فما الذي تنتظره بعد ذلك ؟ أن يصفق لك الناس أو أن تحصل علي خدمة في مقابله ، هذا ما يفعله الحمقي .

استقبل الثروة والرخاء بتواضع ، وكن علي استعداد لفقدهما .


هناك نوعان من الإثم ، أن تقدم علي فعل شيئ ، وأن تمتنع عن فعل شيئ آخر .

اجتهد في عملك ، ليس كما لو كنت ضحية ، وليس برغبة الحصول علي التعاطف والإعجاب ، وليكن غرضك الوحيد هو أن يكون ما تفعله أو تمتنع عن فعله علي حد سواء جديرين بإنسان يستخدم عقله .

الحقائق تقف بكاملها خارج أسوارنا فهي ما هي ، ليس أكثر ، وهي لا تعرف عن نفسها شيئاً ، ولا تصدر أحكاماً علي نفسها ، من إذا ً يصدر الأحكام ؟ إنه دليلنا وحاكمنا : العقل .



في توقف الفعل أو إنقطاعه ، أو انتهاء الدافع أو الرأي لا يوجد شر ، ارجع بنفسك إلي أطوار نموك ، من طفولة إلي صبا إلي شباب إلي شيخوخة فكل تغير هو نهاية أو موت لمرحلة ، هل كان هذا يخيفك ؟


أو تذكر حياتك برفقة جدك أو أمك ثم أبيك ، وتتبع الأمور العديدة التي اختلفت وتغيرت وانتهت في تلك الأيام ، وسائل نفسك هل كانت هذه الأمور تخيفك ؟ فإن لم تكن ، فاعلم أن التوقف والانقطاع عن الحياة نفسها ما هو إلا انتقال من مرحلة إلي أخري ، لا ينبغي أن يخيفك كذلك .


إبدا بمجرد أن تسمح الفرصة ، ولا تتلفت حولك ، لتري إن كان أحد يشاهدك ، ولكن لا تتوقع مدينة أفلاطون الفاضلة ، اقنع حتي لو أنجزت شيئاً هيناً بنجاح ، ولا تعتبر ذلك نتيجة تافهة ، من ذا الذي يأمل في تغيير قناعات الآخرين ؟ وبدون تغيير هذه القناعات فما الذي نحصده غير الخضوع المشين أو التسليم الزائف ؟


إذا تملكك الغضب بسبب وقاحة شخص ما ، فتسائل علي الفور " أيمكن أن يوجد العالم بغير أمثال هذا الوقح ؟ "
لا يمكن بالطبع .

الحزن والغضب والخوف ما هي إلا رفض لشيئ في الماضي أو الحاضر أو المستقبل ، أمرت به القوة التي توجه الكون .


إقترب الموعد ولكن !!!



إقترب موعد السمر وكنت قد أعددت كلاما طيبا لمصطفي السباعي ولكن


مازال ماركوس يتحدث ولقد أعجبني حديثه لذا قررت السهر في خيمة ماركوس
في الليل حول ماركوس جلسته إلي داخل خيمته وأنار المشاعل وكانت الليلة ساحرة بها نسيم الربيع وحول مائدة بها من الثمار والفواكه


ما لذ وطاب جلس ماركوس يحدثنا وجلسنا حوله منصتين فقال



البشر هم أقرب ما يؤثر في أعماقي طالما كان علي أن أحسن إليهم وأحتملهم ، ولكن عندما يجعل بعضهم من أنفسهم عقبات أمام تصرفاتي السليمة يصبح الإنسان في نظري موضوعاً لا أبالي به ، مثل ظواهر الطبيعة كالشمس أو الرياح أو حتي الحيوانات البرية ، حقيقة إن هؤلاء قد يعوقون بعض أعمالي ، ولكنهم ليسوا عقبات أمام إرادتي وميولي ، لإن إرادتي وميولي تملك القدرة علي العمل وفق شروطها وبدرجة عالية من التكيف ، والعقل يحول كل ما يعوق نشاطه إلي عنصر مساعد ، بحيث يعزز العمل بما كان من قبل عائقاً له ، ويمهد الطريق ، مستفيداً بالعقبات التي تعترضه


فكر في الوجود بأكمله ، وكم لك فيه من نصيب تافه وفي الزمن بامتداده وكيف قسمت لك منه مهلة وجيزة عابرة ، وفي القدر وكيف أن حظك فيه ماهو إلا جزئية ضئيلة .



أن تمتنع عن تقليد من أساء إليك ، فهذا هو خير انتقام .


الكون لا يخرج عن أمرين ، فإما أنه فوضي والأشياء فيه تتجمع وتتشتت عشوائياً ، وإما أنه وحدة ونظام وعناية ، فإن صح الفرض الأول فلماذا أرغب في المكوث وسط هذا الخليط العشوائي وفي مثل هذه الفوضي ؟


ولماذا أعني بأي شيئ سوي أني سأصبح في النهاية تراباً ؟ ولماذا أنزعج ما دامت العناصر التي أتركب منها ستنحل في النهاية مهما فعلت ؟ أما إذا صح الفرض الثاني فلابد أن أؤمن وأبجل وأثق في الإله الذي يسيرني .


من يحب الشهرة يظن أنه سيجد سعادته في آراء الآخرين ، ومن يحب الملذات يظن أنه سيجدها في إحساساته ، أما الحكيم فيجتهد ليحققها بأفعاله .


لا تفكر كثيراً فيما ليس عندك ، بل فكر فيما عندك ، ومن بين الأشياء التي تمتلكها اختر أفضلها ، وتأمل بعدها لو أنك لم تكن تمتلكها ، كم كنت لتشقي سعياً وراءها ، ولكن في الوقت نفسه ، تجنب بسبب سرورك بها أن تغالي في قيمتها بحيث تضطرب إن فقدتها .


الألم إن كان فوق الاحتمال فسيدفعنا إلي نهايتنا ، أما إن استمر فمن الممكن احتماله ، والعقل في ترفعه عن الجسد يحتفظ بهدوئه ، والعقل المسيطر يظل بمنأي عن التأثر ، أما الأعضاء التي آذاها الألم ، فدعها إن استطاعت تعبر عن حزنها .


إسأل نفسك كيف تستطيع أن تعيش الحياة التي قسمت لك علي أفضل وجه ؟

إفترض أنك مت اليوم ، وأن قصة حياتك قد انتهت ، واعتبر أن مازاد علي ذلك إن هو إلا منحة ، فعشها في وفاق مع الطبيعة .

احفر في أعماقك ففي داخلك ينبوع الخير ، ولن يكف عن التدفق أبداً ، ما دمت تحفر فيه .


ومازال ماركوس يتحدث

ومازال ماركوس يتحدث



كل ما هو جميل فهو يستمد جماله من ذاته ولا يحتاج لما يزيد علي ذلك ، وليس المديح جزءاً من جماله ، ومدح الشيئ لا يجعله أحسن أو أسوأ مما هو عليه ، وهو ما ينطبق علي أشكال الجمال في حياتنا الطبيعية مثل الأشياء الطبيعية والأعمال الفنية ، فما هو جميل حقاً لا يحتاج لأي شيئ آخر مثله في ذلك مثل القانون والحق والخير والتواضع ، فأي هذه الأشياء يكون أجلم إذا مدحناه أو أقبح إذا ذممناه وهل يفقد الحجر الكريم جماله لأنه لم يحظ بالمديح والإعجاب .


لاحظ باستمرار أن جميع الأشياء تحدث من خلال التغير وعود نفسك علي اعتبار أن طبيعة الكون لا تحب شيئاً قدر أن تغير الأشياء



ما أنت إلا نفس تستبد بها جثة كان إبيكتيتوس اعتاد أن يقول ذلك .



كن دائما مثل الحاجز الذي تتكسر عليه الأمواج باستمرار ، وهو راسخ يروض غضب المياه من حوله ، هل أقول أنا لست محظوظاً لأن هذا الأمر وقع لي ؟


لا بل أقول إني محظوظ لأنه تركني بلا مرارة لا يحطمني الحاضر ولا يخيفني المستقبل ، فمثل هذا الأمر قد يعرض لأي إنسان ولكن لن يخرج منه كل إنسان بلا مرارة ، هل يمنعك هذا الأمر أن تكون عادلاً ، شهماً ، هادئاً ، حكيماً ، رزيناً ، صادقاً ، محترماً لذاتك ، حراً ، أو غير ذلك من الصفات التي تكتمل بها طبيعة المرء عندنا إذن هذه القاعدة لنتذكرها في المستقبل ، إذا أغراك أي شيئ لكي تشعر بالمرارة ، لا تقل حظي سيئ بل قل : " إذا اجتزت هذه المحنة بجدارة فأنا إنسان محظوظ "


هناك رجل إذا ما أدي إليك خدمة فإنه لا يتردد في التباهي بذلك ، وهناك آخر لا يصل إلي هذه الدرجة من المبالغة إلا أنه في قرارة نفسه يفكر فيك علي أنك مدين له وهو مدرك تماماً لهذا الفضل ، ولكن يوجد رجل ثالث قد نعتبر أنه لا يدرك أنه صاحب فضل أو معروف ، فهو شبيه بالكرمة التي أثمرت عنبها ولا تبتغي من وراء ذلك شكراً ولا ثناء ، ومثل الجواد وقد فرغ من السباق ، والكلب وقد انتهي من المطاردة ، والنحلة وقد أتمت صنع شهدها ، فكذلك الإنسان عندما يصنع المعروف ولا ينادي الآخرين لكي يأتوا ويعاينوا ، بل يتأهب لعمل جديد ، كما تتأهب الكرمة لكي تثمر عنبها مرة أخري في الموسم القادم .


سوف يتشكل عقلك علي غرار أفكارك المعتادة ، لأن النفس تصطبغ بلون أفكارها .


الغاية من خلق أي شيئ تحدد تطوره ويشير إلي حالته النهائية ، وحالته النهائية تعطينا دليلاً علي نقاط تميزه وخيره الرئيسية لذا فالخير الأسمي للكائن العاقل هو مشاركته مع جيرانه ،

التشارك مع الآخرين هو الغاية من وراء خلقنا

لن يصيب الرجل أي شيئ لم تؤهله الطبيعة لتحمله





الثلاثاء، ديسمبر 01، 2009

بعد العصر ماذا أفعل ؟

بعد صلاة العصر

احترت ماذا أفعل بعد صلاة العصر خاصة وقد كنت مستيقظاً من صلاة الفجر هل أذهب ارتاح وأتأهب للذهاب في المساء للسمر مع الحكماء وأنقل لهم من أقوال مصطفي السباعي


أم أذهب إلي ماركوس أكمل حديثه واستمتع بأقواله


قررت الثاني فذهبت مسرعا   لماركوس أوريليوس 


وكان قد أسند ظهره إلي شجرة و بيده عود يرسم به علي الأرض بين حين وآخر وهذا كان حديثه

ضع في ذهنك دائماً أن تعرف ما طبيعة العالم ، وما طبيعتك أنت ؟ وما العلاقة بينكما ؟ وأي جزء أنت من ذلك الكل ، وتذكر أنه لا يوجد مخلوق يستطيع أن يمنعك من أن توفق كل فعل تفعله وكل كلمة تقولها ليتناسب مع طبيعة العالم الذي أنت جزء منه .


الذين لا يدركون ما في داخل نفوسهم فلا بد أن يكونوا تعساء .

إن الآثام التي تحركها الرغبة أجدر باللوم من التي ترتكب بتأثير الغضب ، لأن الذي يثيره الغضب يعمي عن العقل ويندفع بدون وعي أو ضابط ، أما الذي تقوده الرغبة إلي ارتكاب الإثم ، فهو شخص تحركه الملذات وهو أقرب إلي الإفراط والشهوانية هكذا كان يقارن ثيوفراستوس بين الآثام المختلفة


علي الرجل أن يعرف أنه لا يهتدي بآراء كافة الناس ، بل بآراء أولئك الرجال الذين تتوافق سير حياتهم مع الطبيعة

إن من يعلي من شأن عقله وما فيه من نفحة إلهية لن يحزن أو يشتكي ، ولن يشتاق سواء للوحدة أو للزحام وأهم من كل ذلك سوف يعيش حياته دون أن يسعي للموت أو يهرب منه .

الإنسان المهذب النقي يخلو من الاحتياج للآخرين أو التأثر بهم ، كما أنه لا يعتمد علي الغير وهو أيضاً لا يتعالي عليهم ، إنه ليس متهما بشيئ وليس لديه ما يخفيه .


إسترشد دائماً بالمنطق السليم ، بإخلاص وحماس وهدوء ، ولا تسمح لأي شارد أن يشتتك واحتفظ بالجانب الإلهي فيك نقياً ، وكأنه مقدر لك أن ترده علي الفور ، إذا أنت تمسكت بهذه المباديئ غير منتظر لأي شيء ولا متوجس من أي شيئ ، وكنت قانعاً بأن توفق بين أفعالك وقوانين الطبيعة وأن تلتزم الصدق في كل كلمة تتفوه بها ، فسوف تعيش حياة سعيدة ، ولن يكون بإستطاعة أي إنسان أن يحرمك من ذلك .

إذا توافق العقل الذي يحكمنا ويسيرنا مع الطبيعة بحيث يكيف نفسه مع الإمكانات والفرص التي تهيئها الظروف ، فإنه لن يشترط السهل والميسور ، وفي سعيه نحو الهدف سيكون مستعداً للتكيف ، وستكون المعوقات أمامه أداة يستغلها لصالحه ، والمثل في ذلك جذوة اللهب الضئيلة تنطفئ إذا ألقي إليها بالحطب الكثير ، أما النيران المضطرمة فلا يزيدها الحطب إلا اشتعالاً تستهلكه وتتصاعد ألسنتها بفضله .


يلجأ الناس إلي خلوات لأنفسهم ، كالمنازل الريفية والشواطيئ والجبال ، وأنت أيضاً تحلم بشغف بمثل هذه الخلوة ، ولكن مثل هذه الأخيلة لا تليق بالفيلسوف ، ففي استطاعتك متي شئت أن تخلو إلي نفسك ، لأنه لا يوجد مكان أهدأ أو أصفي يلجأ إليه الإنسان خير من نفسه ، خصوصاً إذا كانت لديه أفكار متي نظر فيها تحققت له السكينة التامة علي الفور ، فأكرم نفسك بهذا المعتزل باستمرار ، وجدد نفسك ، ولخص مبادئك بحيث تحيط بالأساسيات ، فإذا ما لجأت إليها كانت كافية لكي تنقي نفسك تماماً ، وتعيدك وقد تحررت من التبرم بالالتزامات التي لا مفر منها في حياتك اليومية .




السباعي يتحدث



عودة للسباعي


جلس مصطفي السباعي وأخذ يحدثني وأخذت أسجل كل ما يقول لي :

الآلام طريق الخلود لكبار العزائم ، وطريق الخمول لصغارها


الألم امتحان لفضائل النفس وصقل لمواهبها


العبادة رجاء العبد سيده أن يبقيه رقيقا

علم أنك لا تصفو مودتك له فأحوجك إليه لتقبل بكل ذاتك عليه


عبد العبد يستطيع فكاك نفسه بالمال ، وعبد السيد لا يستطيع فكاك نفسه إلا بالأعمال

إذا امتلأ القلب بالمحبة أشرق الوجه ، وإذا امتلأ بالهيبة خشعت الجوارح ، وإذا امتلأ بالحكمة استقام التفكير ، وإذا امتلأ بالهوي ثار البطن والفرج.



في المآزق ينكشف لؤم الطباع ، وفي الفتن تنكشف أصالة الآراء ، وفي الحكم ينكشف زيف الأخلاق ، وفي المال تنكشف دعوي الورع ، وفي الجاه ينكشف كرم الأصل ، وفي الشدة ينكشف صدق الأخوة


إحذر ضحك الشيطان منك في ست ساعات : ساعة الغضب ، والمفاخرة ، والمجادلة ، وهجمة الزهد المفاجئة ، والحماس وأنت تخطب في الجماهير والبكاء وأنت تعظ الناس


إحذر الحقود إذا تسلط ، والجاهل إذا قضي ، واللئيم إذا حكم ، والجائع إذا يئس ، والواعظ المتزهد إذا كثر مستمعوه .


عذاب العاقل بحبسه مع من لايفهم ، وعذاب المجرب برئاسته علي من لم يجرب ، وعذاب العالم بوضع علمه بين أدي الجهال ، وعذاب الرجل بتحكيمه بين النساء ، وعذاب المرأة بمنعها من الكلام ..


ثم ألتفت لي وقال لي يا إيهاب متي ما أحسست بالتعب فقل لي أن أتوقف
فقلت له ما هكذا أراعي حقك
فقال الأمر ليس علي ذلك فالكلام لا ينتهي ولن أتكلم إلا علي قدر نشاطك

فقلت له جزاك الله خيراً عني وعن كل من سيستفيد من كلماتك ولن أنصرف حتي تنصرف أنت أو يؤذن للصلاة

ثم أخذ يتحدث ويكمل كلامه العذب كأنها سلاسل من ذهب تلتضم حلقة إثر أخري في إنسجام بديع وروعة فائقة

 خلود العالم بعلومه ، وخلود الفيلسوف بتأملاته وخلود القائد بفتوحاته وخلود النبي برسالته وخلود المصلح بصحابته


بعض أصدقائك يريد أن يحسن إليك فيسيء، فإن كانت اجتهادا فاعف عنه ، وإن كانت غفلة فلا تعتمد عليه.


لا يؤتي الحق إلا من الدخلاء في حشوده ، والأغرار في قيادته ، والنائمين في حراسته ، والمفسدين في أسلحته .


إذا أراد الله أن يسلب من عبد نعمة أغفله عن صيانتها ، وإذا أراد أن يمتحنه في نعمة أيقظ عقله وهواه ، فإن غلب هواه عقله لم يكن بها جديرا


من تعلق قلبه بالدنيا لم يجد لذة الخلوة مع الله ، ومن تعلق قلبه باللهو لم يجد لذة الأنس بكلام الله ، ومن تعلق قلبه بالجاه لم يجد لذة التواضع بين يدي الله ، ومن تعلق قلبه بالمال لم يجد لذة الإقراض لله ، ومن تعلق قلبه بالشهوات لم يجد لذة الفهم عن الله ، ومن تعلق قلبه بالزوجة والولد لم يجد لذة الجهاد في سبيل الله ومن كثرت منه الآمال لم يجد في نفسه شوقا إلي الجنة .


كل مؤلف تقرأ له ، يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد ، فلا تقرأ إلا لمن تعرفه بعمق التفكير ، وصدق التعبير ، وحرارة القلم ، واستقامة الضمير.


من استعان بماله علي حفظ كرامته فهو عاقل ، ومن استعان به علي تكثير أصدقائه فهو حكيم ، ومن استعان به علي طاعة الله فهو محسن " إن رحمة الله قريب من المحسنين "


لو أيقن الظالم أن للمظلوم ربا يدافع عنه لما ظلمه ، فلا يظلم الظالم إلا وهو منكر لربه.


من ضاق ماله كثر همه ، ومن اتسع علمه قل همه ولأن تقلل همومك بكثرة العلم خير من أن تقللها بسعة المال ، فقل أن يسلم غني من المهالك ، وقل أن يقع عالم فيها ، وقل أن رأيت إنسانا اجتمع له العلم الغزير والمال الكثير مع سلامة من المهالك وبسطة في عمل الخير ، ولكن قرأت عن مثل هؤلاء في التاريخ .


عامل القدر بالرضي ، وعامل الناس بالحذر ، وعامل أهلك باللين ، وعامل إخوانك بالتسامح ، وعامل الدهر بانتظار تقلباته ، تسلم أعصابك من التلف والانهيار .


حكمة الإنجيل : " من أمسك بطرف ثوبك فاترك له ثوبك كله " أسلم للفرد


حكمة القرآن : " فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم " أسلم للجماعة .


الإنجيل " يحتم " تسامح الإنسان في حقه ، وهذا أٌقرب إلي المثل الأعلي


والقرآن " يرغب " في ذلك ، وهذا أٌقرب لطبيعة الإنسان.


إذا اجتمعت إلي حكيم فأنصت إليه ، وإذا اجتمعت إلي عاقل فتحدث معه ، وإذا اجتمعت إلي سخيف ثرثار فقم عنه وإلا قتلك


ولم أدرك كم مر من الوقت إلا والآذان يعلمنا بأن العصر قد آن أوانه وأن وقت الظهيرة قد مر  مركالبرق لم أشعر به هكذا يمضي الوقت الجميل برفقة الحكماء





في المسجد

وفي صلاة الظهر كان أبو العباس أحمد ابن تيمية هو الإمام وكنت أصلي خلفه بين وبينه عدة صفوف ومن بين الصفوف كان هناك الاستاذ مصطفي السباعي وبعد الصلاة ذهبت إليه فقال لي أحسنت فلنجعل جلستنا في المسجد وكان هناك من يريد أن يسأله فانتهزت تلك الفرصة وذهبت إلي شيخ الإسلام ابن تيمية أٍلم عليه وأسأله سؤال



قلت له اليوم يقع الناس في حيرة شديدة فلدينا كثير من الدعاة وكل يُفتي ويجتهد وأحيانا يحدث خطأ من بعضهم فيهجم بعض الدعاة علي من أخطأ هجمة شرسه فيقع الناس في الحيرة إذ يجدون الدعاة يتكلم بعضهم في بعض ماذا تقول






قال بعد الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم هناك فرق بين الإنكار علي المخطأ في خطئه والحكم عليه وتقييمه


قلت له ماذا تقصد قال كنا نغلظ علي القوم من الخطأ ونحن نعتقد أنهم أقرب إلي الله منا ولكن مخافة أن يتبعوا فالعلة في النقد هي مخافة انتشار الخطأ أما حال المخطيئ هل هو معذور أو غير ذلك ليس لنا منها شيئ


فقلت وهل يوصف الناقد بالخطأ


قال لا مالم يحول النقد إلي موضوع شخصي






فقلت له جزاك الله خيرا وسألته عن مواعيد جلوسه للناس للدرس والوعظ والتوجيه والتعليم ثم إستأذنت وذهبت لمصطفي السباعي فماذا قال لي مصطفي السباعي


وتذكرت مصطفي السباعي



بعدما تحدث ماركوس عن ماكسيموس تذكرت سبب مجيئ إلي هنا ألا وهو البحث عن مصطفي السباعي الذي كنت علي موعد معه واحترت كيف سألاقيه وكيف أبحث عنه خاصة وكنت أنوي الذهاب هذه الليلة لأشارك في السمر مستعينا بما أنقله عنه من حكمة






كانت الساعة أصبحت الحادية عشر ووقت الظهر قد اقترب


وعندما تذكرت الصلاة تذكرت أنني أكيد سأراه في المسجد


عندها هرعت إلي المسجد أصلي الضحي وأنتظر صلاة الظهر وأبحث عن مصطفي السباعي



ماكسيموس في نظر ماركوس

كان ماكسيموس

 مثلي الأعلي في ضبط النفس وثبات الهدف
 والبشاشة حتي في المرض أوغيره من الملمات

كانت شخصيته مزيجا يثير الإعجاب من الاحترام والجاذبية ،

 وكان يؤدي واجباته كلها بهدوء وبدون لغط ،

وكان يقنع من يستمع إليه أنه إنما يتكلم بما يؤمن به ، وأنه يتصرف وفق ما يراه صوابا ،

لم يعرف الارتباك أو الجبن ،

 ولم يكن أبداً متسرعا ولا متراخيا ،

ولم ينغمس إطلاقا في الكآبة أو الظرف المفتعل ،

 كما لم يكن للغضب أو الغيرة سلطان عليه ،

 اجتمع فيه الرفق والعطف والإخلاص علي إعطاء الانطباع بأن استقامته فطرية مغروسة ،

ولم يجعل أي شخص يتعامل معه يشعر بالضآلة ، ومع ذلك ما كان لأحد أن يتجاسر علي منازعته الصدارة ،

وكان فوق ذلك أستاذاً يتحلي بروح دعابة مستحبة .








مع ماركوس أوريليوس



مع ماركوس أوريليوس


ماركوس هو من باع المجوهرات الملكية للتخفيف عن راعياه الجائعين عندما اتلفت الفيضانات كميات ضخمة من الحبوب ، وبعد تفشي وباء في القسم الغربي من الإمبراطورية الرومانية


وماركوس إذا أردنا اختصار وصف له هو من التزم بواجبات الحاكم وتمسك بأخلاق الفيلسوف


رجل مهيب قد أبيض شعره من الحكمة وخبرة الزمان وطول التأمل


وحوله جلس كثير من الأكابر يتعلمون منه دنوت منهم ببطأ أتحسس خطواتي فلم أرد أن أقطع حديثهم فلما دنوت سمعت ذلك


إلي جدي الأكبر أدين له بنصيحته ، وهي أن أستغني عن تلقي العلم في المدارس ، وأن احتفظ بمعلمين أكفاء في المنزل بدلا من ذلك ، وأن أنفق في هذا الغرض بغير تحفظ .


أشد الطاقات إشتعالا لا تتناقض مع القدرة علي الاسترخاء


إلي معلمي فرونتو أدين باقتناعي أن الشر والخداع والنفاق هي من لوازم السلطة المطلقة


حذرني الإسكندر الأفلاطوني من تكرار استخدام عبارة "إني مشغول للغاية " في الحديث أو المراسلة ، إلا في حالة الضرورة الفعلية ، قائلا : إنه لا يجوز لأي إنسان أن يتنصل من التزاماته تجاه المجتمع بحجة المشاغل الطارئة

وكان أبي لا يغفل عن حاجات الإمبراطورية فكان دائما يصون مواردها بحكمة ، كما يصبر علي الانتقادات التي تنتج عن ذلك ، وفي علاقته بآلهته لم يكن يلجأ للخرافة ، ومع البشر لم يكن يتنازل طمعا في الشعبية أو تملق الجماهير ، بل كان يمضي في طريقه بنفس الهدوء والثبات ، مترفعا عن كل ماهو مبهرج وزائف ، لقد كان يتقبل أسباب الراحة المادية التي وضعتها الأقدار تحت تصرفه بدون رضا ذاتي أو وخز ضمير ، فإن كانت في متناوله استمتع بها كاملة ، وإن لم تكن لم يشعر بالأسي ، وكانت عنايته بجسمه معقولة ، فلم يكن قلقاً وسواساً في سعيه لإطالة بقائه ، أو تجميل مظهره


لقد تكبد مشقة أن يعطي كل رجل الفرصة كي يحقق لنفسه شهرة في مجاله .

ثم أخذ ينصحنا
متي نحقق النجاح ؟

و لسوف تحقق النجاح إذا أنت مارست كل عمل في حياتك وكأنه آخر ما تفعله ، متجنباً اللامبالاة ، ونفور الهوي من أوامر العقل ، والنفاق والإعجاب بالذات ، والسخط علي نصيبك الذي قسم لك ألا تري قلة الأشياء التي يحتاجها الإنسان لكي يحيا حياة هادئة تقية ، إنك لن تحتاج إلا للتمسك بهذه النصائح البسيطة .




إحذر في نفس الوقت من نوع آخر من الخطأ : وهو حماقة أولئك الذين يبددون أيامهم في العمل الكثير ولكن ينقصهم أي هدف يتمحور حوله جهدهم ، بل وكل فكرهم .


لقد كان حديث ماركوس شيقا ممتعا ولكني أردت أن أسأله عن القائد المغوار ماكسيموس وقلت له عفوا أيها الحكيم ماركوس هلا تحدثنا من فضلك عن ماكسيموس



وذهبت إلي ساراماجو



عندها ذهبت إلي جوزيه سارماجو الأديب البرتغالي


لماذا ذهبت إليه هل لأنه من البرتغال وأنا قابلت السباعي تحت شجرة برتقال تصور ساذج


بل ربما لأن جوزيه ساراماجو تحدث عن البصيرة وأنا الآن أحتاج إلي تلك البصيرة لأ هتدي إلي دكتور مصطفي السباعي



وعند جوزيه ساراماجو رأيته يتحدث مع بعض أصحابه فجلست بعدما سلمت عليه ولم أريد أن أقطع حديثه بل استمعت إليه فكان يقول لصاحبه
" للهزيمة وجه حسن أتدري ماهو ؟


فقال لا


قال أنها غير نهائية


وللانتصار وجه قبيح أنه دائما نهائي


وتحدثا حديثا طويلا ولم أحفظ منه إلا هذه الكلمات


" من أمراض الرجل المعاصر أن الحياة مركزة في نجاحه الشخصي "


" الوحيدون المهتمون بتغيير العالم هم المتشائمون ، فالمتفائلون سعداء بما يملكون "

" ما نحن إلا ذكرياتنا والمسئولية التي نتحملها فمن غير ذكري لا وجود لنا ، ومن غير مسئولية لا نستحق الحياة "


" يوجد في العالم قوتان : أمريكا وأنت ذاتك"


" لا الشباب يعرف ما يستطيع ، ولا الشيخوخة تستطيع ما تعرف "


" داخل كل منا شيء لا اسم له ، هذا الشيء هو نحن أنفسنا"


" أعتقد أننا جميعا عميان ، عميان نستطيع أن نري ، لكننا لا ننظر "


" هناك من يقضي حياته كاملة في القراءة دون أن يحقق شيئاً أبعد من ذلك .. فلا يدرك أن الكلمات ما هي سوي أحجار مرصوصة لنعبر من خلالها للضفة الأخري من النهر .. وهذه الضفة هي الأهم "


" تنفع الاستعارة عندما نصف عالما لا فائدة منه . فالكتاب والفنانون أناس يعملون في الظلام ، مثل الأعمي يتحسس طريقه في العتمة "

" الفرق بين الإنسان والحيوان هو قدرة الإنسان علي الأمل "


"تبدأ الشيخوخة عندما نفقد الفضول "


" لا فائدة من الندم مادام لا يمحي ما حدث ، إن أفضل ندم هو التغيير "

" كم أتمني أن أكتب رواية سعيدة ، فلدي كل المؤهلات التي تجعلني رجلا سعيدا ، لكنني بكل بساطة لا أستطيع أن أكون هذا الرجل ، مع ذلك هناك شيئ يسعدني : أن أقول ما أفكر "


" علمتني الحياة ألا أحاول إقناع أحد بشئ ، فهذه المحاولة تعد قلة احترام للآخر ، فهي نوع من استعمار هذا الآخر "

" إذا توقفنا لنفكر في هذه الأشياء الصغيرة سنصل لفهم الأشياء الكبيرة "

" إن أفضل طريقة للحفاظ علي خصوصيتنا هو احترام خصوصية الآخرين "


و أردت الانصراف فاستأذنت ولكن جوزيه ساراماجو قال لي عن ماذا جئت تسأل قلت له كنت أبحث عن مصطفي السباعي هل تعرف أين أجده فقال لي ربما تجده مع ماركوس أوريليوس فقد شاهدتهما معا منذ فترة