الاثنين، مايو 03، 2010

محمد كامل حسين 2

الإقدام والإحجام

إن الحجج التي تدعو إلي الاقدام في حاجة إلي التتابع حتي تشتد وتقوي ، والحجج التي تدعو إلي الاحجام تنحدر في سهولة حتي تبلغ السلبية المطلقة . ذلك أن الدعوة إلي العمل الإيجابي أسهل علي الداعي من الدعوة إلي التبصر ، وإن كان حمل الناس علي الاستجابة إليها ساعة العمل أصعب ، أما الدعوة إلي الإحجام فهي أصعب علي الداعي وإن تكن أسهل علي الناس تنفيذاً

والموقف الايجابي يجعل النفس أكثر ارتياحا ، وفيه لذة نفسية تشتد عند النقاش ، ومن هنا كانت الدعوة أسهل وأدعي إلي رضي الداعي والمدعوين ، والموقف السلبي يضع الداعي موضع الاتهام ، والدعوة إليه تحتاج إلي شجاعة واخلاص يذهب ببهجتها أن التنفيذ لا يحتاج إلي شئ من الشجاعة .

والناس يختلف أمرهم ساعة الجدل في ما يجب عليهم عمله ، عن أمرهم ساعة القيام بالعمل نفسه وقد يكون الداعي إلي الاقدام أقل الناس اقداما حين يجئ وقت العمل ، ولا يكون ذلك منه اقتناعا بصواب ما يعمل ، وإنما هي طبيعة الندوات حيث يجتمع الناس يبحثون أمرا جدا ، هنالك يكون نصيب الرأي الذي يدعو إلي الاقدام وإن كان خطأ أن يغلب علي الرأي الذي يدعو إلي الاحجام مهما يكن صواباً ، سواء أكان الداعون إلي الاقدام في طبعهم الاقدام عند العمل أم لم يكونوا ، تلك طبيعة الشوري حين تتم في مجتمع كبير ،

أول أسرار الحياة السعيدة
من عمل ما ليس من طبعه ولو كان صوابا تعرض لخطرين ، خطر النفاق وخطر الإخفاق ، فإن الصدق بأوسع معانيه أي التوافق بين حياة الانسان وما ركب فيه من طباع هو أول أسرار الحياة السعيدة الطيبة

إن القول والرأي يكذبان ، أما العمل فلا يكذب

الحب والبغض
الأمران مختلفان وإن كان الناس يظنون أنهما متلازمان ، فيختلط عليهم الأمر فيحسبون أن حبهم للصديق لا يكون إلا ببغضهم لعدوه ، وأن حب الوطن مثلا لا يكون إلا ببغض أعدائه ، وشتان بين العاطفتين ، فالحب لا يدعو إلي الشر أبداً ،

الحق والقوة
الحق والقوة الحق له حدود طبيعية ، بل هو هذه الحدود نفسها ، والقوة من طبعها أن تتخطي الحدود ما استطاعت ، فإذا رأيتموهما يسيران جنبا إلي جنب فذلك إلي حين ، والذين يدافعون عن الحق بالقوة لا يلبثون إلا ريثما يبلغون ما يريدون ثم تصبح القوة وحدها رائدهم ، ودعوي استعمال القوة لبلوغ الحق دعوي قصيرة الأمد لا تلبث إلا قليلا ، ثم تصبح الدعوة إلي القوة سافرة حين تكون في غير حاجة إلي مسوغ من الحق ، وكل من اتخذ القوة وسيلة إلي الحق يجد بعد قليل أنه إنما اتخذ الحق وسيلة إلي القوة

الرأي أن تهتدي بالعقل مالم يتعد حدود الضمير

الجماعة والخير والشر
الجماعة تقدم علي الشر في يسر بالغ لأن أفرادها يقتسمون وزر الاثم فلا يشعر أحد منهم أنه آثم حقا ويعفيه من الندم أن له شركاء وأن نصيبه من الذنب ضئيل ، وأنه لو لم يشترك فيه لوقع علي كل حال
والجماعة تقدم علي الخير في صعوبة لأن كل فرد منها يؤثر أن ينسب إليه الفضل

الحرب
لو أن الذي يعلن حرباً علي قوم آمنين ، يكون علي يقين أنه سيموت لساعته من جراء هذه الحرب ما أعلن أحد حربا أبداً ثم أن الحروب تقوم أثر خطأ يركتبه رجال الحكم
ليس من العدل أن يموت الابرياء والعلماء وأصحاب الرأي الراجح وكل ذي كفاية في شتي نواحي الحياة في الأمة لخطأ يرتكبه زعيم سياسي ، ثم لا يصيب هذا الزعيم شر من جراء خطئه ، إن الذي يسوق قومه إلي الحرب مقامر حقير يقذف بالناس إلي الموت وهو عالم أنهم إن انتصروا فالغنم له وإن خذلوا فهو بمنجاة من كل عقاب
لتقم الحروب إذا شئتم ولكنها يجب أن تبدأ بقتل من يدعون إليها

الحروب تقتل أكثر الافراد شجاعة وتضحية وتترك غيرهم ينعمون بالحياة دونهم

المجد إنما يتشدق به الاحياء الذين لم يكن لهم أثر فيه ، أما الموتي الذين أقاموه فلا يتحدثون عن شجاعتهم وتضحيتهم

قول المعتدين
قد يكون الهجوم خير وسيلة للدفاع هذا ما يقوله كل معتد ، وحد الاعتداء عندي أن يوجد الجندي خارج حدود بلاده ، فمن وجد خارج حدود بلاده فهو المعتدي مهما يكن سبب هذا الخروج

إن أولي الأمر والقواد يعلمون أن عليهم أن يخدعوا قومهم فيصورون لهم الاعتداء دفاعا وهي خدعة طال عليها الأمد ولا يجوز أن يخدع بها أحد بعد اليوم

للحرب قانون واحد
ومما يخدعون به الجند دعواهم أن للحرب قوانين تخفف من ويلاتها وتذهب بأكثر فظائعها وعندي أن الحرب يجب أن لا يكون لها إلا قانون واحد هو أن كل من خرج من بلاده ليحارب قوما آمنين في ديارهم فهو المعتدين ويحل لهؤلاء أن لا يراعوا فيه قانونا ولا عهدا وأن لا تأخذهم فيه رأفة ولا رحمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق