عودة للسباعي
جلس مصطفي السباعي وأخذ يحدثني وأخذت أسجل كل ما يقول لي :
الألم امتحان لفضائل النفس وصقل لمواهبها
العبادة رجاء العبد سيده أن يبقيه رقيقا
علم أنك لا تصفو مودتك له فأحوجك إليه لتقبل بكل ذاتك عليه
عبد العبد يستطيع فكاك نفسه بالمال ، وعبد السيد لا يستطيع فكاك نفسه إلا بالأعمال
إذا امتلأ القلب بالمحبة أشرق الوجه ، وإذا امتلأ بالهيبة خشعت الجوارح ، وإذا امتلأ بالحكمة استقام التفكير ، وإذا امتلأ بالهوي ثار البطن والفرج.
في المآزق ينكشف لؤم الطباع ، وفي الفتن تنكشف أصالة الآراء ، وفي الحكم ينكشف زيف الأخلاق ، وفي المال تنكشف دعوي الورع ، وفي الجاه ينكشف كرم الأصل ، وفي الشدة ينكشف صدق الأخوة
إحذر ضحك الشيطان منك في ست ساعات : ساعة الغضب ، والمفاخرة ، والمجادلة ، وهجمة الزهد المفاجئة ، والحماس وأنت تخطب في الجماهير والبكاء وأنت تعظ الناس
إحذر الحقود إذا تسلط ، والجاهل إذا قضي ، واللئيم إذا حكم ، والجائع إذا يئس ، والواعظ المتزهد إذا كثر مستمعوه .
عذاب العاقل بحبسه مع من لايفهم ، وعذاب المجرب برئاسته علي من لم يجرب ، وعذاب العالم بوضع علمه بين أدي الجهال ، وعذاب الرجل بتحكيمه بين النساء ، وعذاب المرأة بمنعها من الكلام ..
ثم ألتفت لي وقال لي يا إيهاب متي ما أحسست بالتعب فقل لي أن أتوقف
فقلت له ما هكذا أراعي حقك
فقال الأمر ليس علي ذلك فالكلام لا ينتهي ولن أتكلم إلا علي قدر نشاطك
فقلت له جزاك الله خيراً عني وعن كل من سيستفيد من كلماتك ولن أنصرف حتي تنصرف أنت أو يؤذن للصلاة
فقلت له جزاك الله خيراً عني وعن كل من سيستفيد من كلماتك ولن أنصرف حتي تنصرف أنت أو يؤذن للصلاة
ثم أخذ يتحدث ويكمل كلامه العذب كأنها سلاسل من ذهب تلتضم حلقة إثر أخري في إنسجام بديع وروعة فائقة
خلود العالم بعلومه ، وخلود الفيلسوف بتأملاته وخلود القائد بفتوحاته وخلود النبي برسالته وخلود المصلح بصحابته
بعض أصدقائك يريد أن يحسن إليك فيسيء، فإن كانت اجتهادا فاعف عنه ، وإن كانت غفلة فلا تعتمد عليه.
لا يؤتي الحق إلا من الدخلاء في حشوده ، والأغرار في قيادته ، والنائمين في حراسته ، والمفسدين في أسلحته .
إذا أراد الله أن يسلب من عبد نعمة أغفله عن صيانتها ، وإذا أراد أن يمتحنه في نعمة أيقظ عقله وهواه ، فإن غلب هواه عقله لم يكن بها جديرا
من تعلق قلبه بالدنيا لم يجد لذة الخلوة مع الله ، ومن تعلق قلبه باللهو لم يجد لذة الأنس بكلام الله ، ومن تعلق قلبه بالجاه لم يجد لذة التواضع بين يدي الله ، ومن تعلق قلبه بالمال لم يجد لذة الإقراض لله ، ومن تعلق قلبه بالشهوات لم يجد لذة الفهم عن الله ، ومن تعلق قلبه بالزوجة والولد لم يجد لذة الجهاد في سبيل الله ومن كثرت منه الآمال لم يجد في نفسه شوقا إلي الجنة .
كل مؤلف تقرأ له ، يترك في تفكيرك مسارب وأخاديد ، فلا تقرأ إلا لمن تعرفه بعمق التفكير ، وصدق التعبير ، وحرارة القلم ، واستقامة الضمير.
من استعان بماله علي حفظ كرامته فهو عاقل ، ومن استعان به علي تكثير أصدقائه فهو حكيم ، ومن استعان به علي طاعة الله فهو محسن " إن رحمة الله قريب من المحسنين "
لو أيقن الظالم أن للمظلوم ربا يدافع عنه لما ظلمه ، فلا يظلم الظالم إلا وهو منكر لربه.
من ضاق ماله كثر همه ، ومن اتسع علمه قل همه ولأن تقلل همومك بكثرة العلم خير من أن تقللها بسعة المال ، فقل أن يسلم غني من المهالك ، وقل أن يقع عالم فيها ، وقل أن رأيت إنسانا اجتمع له العلم الغزير والمال الكثير مع سلامة من المهالك وبسطة في عمل الخير ، ولكن قرأت عن مثل هؤلاء في التاريخ .
عامل القدر بالرضي ، وعامل الناس بالحذر ، وعامل أهلك باللين ، وعامل إخوانك بالتسامح ، وعامل الدهر بانتظار تقلباته ، تسلم أعصابك من التلف والانهيار .
حكمة الإنجيل : " من أمسك بطرف ثوبك فاترك له ثوبك كله " أسلم للفرد
حكمة القرآن : " فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم " أسلم للجماعة .
الإنجيل " يحتم " تسامح الإنسان في حقه ، وهذا أٌقرب إلي المثل الأعلي
والقرآن " يرغب " في ذلك ، وهذا أٌقرب لطبيعة الإنسان.
إذا اجتمعت إلي حكيم فأنصت إليه ، وإذا اجتمعت إلي عاقل فتحدث معه ، وإذا اجتمعت إلي سخيف ثرثار فقم عنه وإلا قتلك
ولم أدرك كم مر من الوقت إلا والآذان يعلمنا بأن العصر قد آن أوانه وأن وقت الظهيرة قد مر مركالبرق لم أشعر به هكذا يمضي الوقت الجميل برفقة الحكماء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق